فضاء حر

الحوثيين قوة سياسية ام قوة محاربة

يمنات
عندما يتجه اي نظام الى اعتماد تكتيكات وفق محددات جهوية او مذهبية او دينية ضدا على واحدية الثقافة العامة ووحدة الدولة والمجتمع فهو ينجح مؤقتا ولزمن محدود ثم تعود التكتيكات مرتدة الى بنية النظام فتحدث به هزات كبيرة..
و هذا ما حصل مع مقبل الوادعي وجماعته المدعومين من الرئيس صالح واجهزته ومن السعودية وما حدث مع مركز بدر ومع التنظيمات والافراد من القاعدة الذين تأكد تعاملهم مع النظام واخيرا مع الحوثيين مرورا من بدايات ظهورهم كمركز ثقافي ثم الحروب الستة ومع الانتفاضة الشعبية 2011 وهرولة احزاب المشترك وظنهم السيئ انهم وحدهم من سيقطف ثمار التغيير وينفردون به حصصا ومغانم بعد اقصاء الشعب واقصاء الثوار..
هنا ظهر انصار الله قوة فاعلة انتقلت بلمح البصر من جبال مران الى قلب العاصمة افراد وجماعات سرعان ما تمكنوا من الوجود مكانيا في جزء هام من المدينة بشكل مكثف وفي اجزاء اخرى وهنا التقط الحوثيين كثيرا من اخطاء الحكومة واحزابها وملاوا فراغا سياسيا تشكل بفعل هرولة المشترك الى الحكومة والسلطة، فتفنن الحوثيين في اعتماد خطاب شعبوي يقوم على التعبئة والتحشيد واستخدام شعارات تلامس حاجات المجتمع وقضاياه خاصة الجرعة التي اظهرت غضبا شعبيا كبيرا ارتبط به المطالبة بتغيير الحكومة، وهو الامر الذي شكل اهم مفردات الخطاب السياسي للحوثيين..
هنا اصطف مع الحوثي كثير من افراد الشعب ومن القوى المدنية والعلمانية بل والكثير من اعضاء احزاب المشترك خاصة الاشتراكي والناصري ومن المستقلين..
وعليه فالحوثي في رهان سياسي كبير بل وفي فخ سياسي ايضا فإما ان يستمر في مطالبه التي تلامس مطالب الشعب ويستمر التأييد له ويتزايد يوميا مع حضوره القوى في مفاوضات الحكومة والرئاسة.
و هنا يشكل قطب سياسي مواز بل ومعادل للمشترك بكل احزابه او انه يعتمد منطق براجماتي فيحصل لنفسه على حصص ومغانم ويصطف مع المشترك فيخسر التأييد الشعبي.
و ثانيا الحوثي في لحظة اختبار حقيقية لأن التأييد الشعبي الواسع رهن تأييد الحوثي لمبادئ اساسية اهمها النظام الجمهوري ووحدة البلاد ارضا وشعبا والنظام الديمقراطي لان ما دون ذلك سيضعه في مصاف حركات كنتونية معادية للتاريخ وللتغيير و داعية لانموذج ماضوي لامجال لعودته حتى في المخيلة الشعبية.
و هنا على الحوثي اعتماد خطاب سياسي وممارسة عملانية تعزز من حضوره ومن التأييد الشعبي له ولذلك فخطابه الديني والمذهبي لامجال له في الوقت الراهن ولا مجال له بشكل عام لان الافضل له ان يقدم نفسه كحزب مدني يتبني منظورا ثقافية ومرجعيا له خصوصيته.
و الدليل من واقع المشهد السياسي العربي واحزاب مماثلة للحوثيين اضطروا لان يكونوا احزاب مدنية حتى يتم دمجهم بالحياة السياسية ويكون لهم حضور ومشاركة بالحكومات.
و لعدم المزايدة عليه دينيا ومذهبيا كنقيصة تستوجب التحذير والتعبئة المضادة نحوه لابد له من خطاب وممارسة محل اقتناع تجاه الدولة المدنية ومؤسساتها والياتها وتجاه احترام الحريات العامة للأفراد والجماعات وكلها مطالب هامة ومحطات سيتم اصطياده سياسيا منها.
و هنا لابد وان يظهر الحوثيين قيادات وافراد سلوكا مدنيا يشتركون فيه مع عامة المجتمع.
و هكذا يكون الحوثي بين قوته كتيار او حزب ذو تجربة محدودة في العمل السياسي العلني والعام وسيتعلم وتتبلور افكاره ومشاريعه في اطار برامج وخطاب وحشد شعبي والقبول بقواعد الممارسة الديمقراطية او ان يستمر كقوة محاربة يتم محاصرته رسميا وشعبيا ومن الخارج لإجباره على العودة الى جبال مران وينعزل عن المجتمع او ان يشكل كنتون خاص به..؟
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى